من أنت؟ والحديث هنا لك أنت… يا من تقرأ أسطري… من أنت؟ لا أقصد بها أسمك ونسبك ولا جنسك وعمرك…
من أنت؟ والسؤال هنا والإجابة لك وحدك!
أنت مخلوق عظيم، أختارك الباري جل جلاله… وكرمك دون سائر خلقه… وخصك بمزايا وخصائص… فريدة عزيزة مميزة لك وحدك. أنزل لك كتاب عظيم وخصك بتشريع بديع دقيق وثيق، أكرمك بالإسلام ورفع مكانتك وعز وجاهتك؛ لم يجعلك تعبد حجراً ! ولم يجعلك تتبع بقرة! أو تشرك مع الله أحدا ! _تعالى الله وتقدس_، خاطبك الله في كتابة؛ وأخبر عن مكانتك الحقيقة، بأنه استخلفك في الأرض وكرمك وحملك الأمانة وسخر لك مخلوقاته… فأي تكريم وأي مكانة تلك؟ وأي شرف وعزة تكون؟
وكان كذلك رسولنا صلى الله عليه وسلم الذي أرسل من أجلنا… كم قاسى وكم بذل من أجل أن يوصل لنا هذا الدين العظيم! وهو كذلك أشار إلى مكاننا عنده في أحاديث عدة، ويكفينا والله أنه قال عنا يوماً ما أننا إخوانه!
وما كان هذا التقديم إلا لأبين شيء من مكانة الإنسان العظيمة… التي جهلها كثير من الناس اليوم. فراح الواحد منا يتيه في هذه الدنيا الفانية… ويتخبط في دهاليز الحياة، يبخس حق نفسه ويهين نفسه التي كرمها الله ورفع شأنها. يظن أنه أقل من هذا… أنه محبط… أنه لا يقدر على شيء… دائم التحسر والندم… نفسه ضعيفة روحه هزيلة همته عليلة… تتخطفه الهموم وتسيطر عليه الأحزان… يظن أن الناس كلهم ضده!… ويعتقد أن حظه الأسوأ … باختصار هو لا يقدر ذاته! فلا تكن أنت ذاك…. وقدر ذاتك!
تأمل في ذاتك وأبحث عن مكنون خصالك… في داخلك الجمال… في داخلك روح رائعة… تفكر ملياً في مميزاتك أكتبها أقرأها… تعايش مع أحاسيسها… ستجد أنك تملك الكثير من السجايا العظام… تذكر وتأمل كم تملك من أفعال وأقوال وصفات وخصال ذات قيمة ومعان! لماذا لا تستحث همتك لإخراجها؟ ماذا تنتظر؟
أبتسم… تحدث بحلو الكلام… تخلق بالخلق الحسن… مد يدك لمن يحتاجها… طهر قلبك من الحسد والغل والنفاق… قلبك أبيض طاهر… جدد مكامن الإيمان في داخلك… عد إلى خالقك … أقبل إليه بذاتك وروحك ونفسك… ألتمس العفو… وأطلب العون… كن كما أنت في جمال روحك… ونقاء ذاتك….
لا تقارن نفسك بغيرك…فقد أودع الله فيك ما يجعلك تكون الأفضل في مجالك! إذا عالجت نفسك وتعرفت على روعة ما عندك من صفات ومميزات… ستبدع وتنتج وتعرف من أنت… فلم الانتظار؟
أبتعد عن المخذلين والمتاخذلين… أصحاب النفوس المريضة… وكن مع أولائك الرائعين… المنتجين الإيجابيين… الذين يبثون في النفس الأمل… أبحث عنهم حولك ستجدهم حتماً…
أكتب أهدافك وأقرأها… راجعها طورها… أرتق بذاتك … نمي مهاراتك… أتقن فنك… كن العلم البارز … فأنت تستحق ذلك… والجميع ينتظر أفعالك…
ستمر بك المعضلات العظام… والصعوبات الجسام… فإياك والانهزام… والركون مع الأقزام… وهل هناك نجاح بلا تحدي وإقدام؟ لا تتخاذل ولا تتراجع ما دمت صاحب مبدأ ورسالة… وغاية ومراد… فهذا الميدان وأنت البطل الهمام…
لا تلتفت للصغائر… ولا تثنيك التفاهات… فهمتك أكبر وغايتك أسمى…وأعلم أن الكبار لا يعيقهم شيء ما داموا أصحاب عزيمة وإصرار… وأنت كذلك ولا مجال هنا للحوار!…
إياك وأن يعبث أحد بمشاعرك وأحاسيسك… أنت الذي تسيطر على ذاتك… لا تسمح للكلمات الجارحة أو اللمزات الخائنة أو القيل والقال أن يكون لها في داخلك مجال… أجعل هذا محال… تحكم بمشاعرك… وجهها نحو الأفضل والأسمى… لتساعدك لتحقيق مرادك… فإنها دافع وأي دافع!…
وقتك هو أنت!… فما الإنسان إلا مجموعة من الأوقات… املأ وقتك بالنافع المفيد… الموصل لتحقيق ما تريد… وإياك بتبديد الوقت في ما لا يفيد… ويبعدك عن مولاك رب الخلق والعبيد…
فكر بما ينفع نفسك ويرقيها في ميادين الحياة… لتقدم لمجتمعك وأهلك وبلدك النماء والعطاء… ابحث عن ما يستحق أن تفعله وأحبه… ولا تعمل إلا ما حبب إلى قلبك… أخلص النية… وشد العزم… وأترك لك أثر تعرف به… فالأمة تحتاج لأمثالك…
لا تلتفت لإخفاقات الماضي… وزلات القدم… والغفلة والهفوة… اجعلها دروس… هي تقويك ولا تضعفك…تعلم منها الخطأ… وكرر المحاولة بالطريقة الصحيحة… الأبواب مفتوحة والطرق كثيرة… ما الحياة إلا مدرسة… خذ الخلاصة من التجربة… لاشك أنك ستملك خبرة!
راقب نفسك … أين كنت؟ وأين أنت الآن؟ وأين تتجه؟… أجعل لك محطات ومنعطفات في حياتك… قيم نفسك… هل هي على ما تريد؟ أصلح الخلل…قوم النفس… جدد العزيمة… بث في نفسك الأمل… كن كما تريد أن تكون…
جرب عمل جديد… من قال أنك لا تستطيع؟ أزل عن نفسك حاجز العجز والضعف… فلديك المزيد… وكن فعال لما تريد… فلا شيء يعيق صاحب الفكر العميق…
كافئ نفسك عند تحقيق إنجازك… قدر ذاتك… أحببها… أكرمها… أنزلها منزلتها التي بك تليق… قيمتك عالية… منزلتك رفيعة… قدرتك عجيبة… همتك تناطح السحاب… مرامك بعيد…عزمك أكيد… خلقك رفيع…
كان هذا هو أنت! فهل عرفت من أنت؟؟